2-1 مكونات المحاجة

 

  ‌ب-  هناك تباين فى شيوع مكونات سلوك المحاجة من فترة تاريخية لأخرى، ويأخذ هذا التباين صورتين هما:

الأولى: أن عدد المكونات التى تشيع بين المتحاورين يتزايد كلما اتجهنا نحو الحداثة، فبينما استخدم المتحاورون فى حقبة الفكر اليوناني مع التنويه إلى كون المحاورات التى تم تحليلها لا تمثل المرحلة بدقة 31 مكونا (بنسبة 56.4%) مقابل 48 مكونا (بنسبة 70.4) تشيع فى مرحلة الفكر الإسلامي، و43 مكوناً (بنسبة 79.3%) فى مرحلة الفكر الأوربي المعاصر، و46 مكوناً (بنسبة 85.2%) فى مرحلة الفكر العربي المعاصر. ويعد هذا التزايد مقبولا فى ضوء تميز كل من الفكر الإنساني بالتراكمية وتميز الأفراد بالاستفادة من الخبرات السابقة.

 

الثانية: أن هذا التباين لا يقتصر على كم المكونات فحسب، وإنما يشمل نوعيتها أيضا، ففي مرحلة الفكر اليوناني وننوه مرة أخرى إلى قصور تمثيل المحاورات التى تم تحليلها للمراحل التاريخية مما يعنى الحذر عند التعامل مع هذه الاستنتاجات تحظى بالأولوية مكونات: ادعاء عدم الفهم لاستدراج الآخر إلى توضيحات توقعه فى المغالطة، وإعادة صياغة ما تم فهمه، وإبراز خلط المعاني والمفاهيم. أما فى مرحلة الفكر الإسلامي فإن ما يحظى بالأولوية هي مكونات: صحة النقل للأمور المروية، والتركيز على حرفية المعنى، وقلب الحجة وإضافة عنصر جديد للفكرة المطروحة، ويشيع فى مرحلة الفكر الأوربي المعاصر مكونات مثل: ذكر تفسير مختلف للحدث، وانتزاع تسليم الآخر بمعنى مفهوم ما، وإضافة عنصر جديد للفكرة المطروحة، وهو ما يعكس التوجه الإبداعي والاستقلالي والمؤكد للذات للثقافة الغربية المعاصرة فى حين يشيع فى الفكر العربي المعاصر مكونات: التركيز على حرفية المعنى، والمبالغة البلاغية والمجازية، ومهاجمة المحاور شخصيا بدلا من تفنيد وجهة نظره، والاستشهاد بأقوال مأثورة أو نص شعري، والتركيز على الأشخاص لا الموضوعات.