من المفترض وجود علاقات متنوعة بين الثقافة والمحاجة فهناك فروق بين أفراد الثقافات المختلفة فى المهارات الحجاجية، والقدرة على توليد الحجج، وفى مدى حث الثقافة على ممارسة عمليات المحاجة، ودعمها أو كفها، ومن المتوقع فى العالم العربى أن نجد فروقا بين أفرادها عبر الثقافة، وداخل الثقافة الواحدة عبر ثقافاتها الفرعية، فى معدل ممارسة عمليات المحاجة، ومدى مهارتهم فيها، يضاف إلى ذلك أننا بحاجة إلى الكشف عن مظاهر سوء الفهم الثقافى أثناء عمليات المحاجة بين أفراد من ثقافات مختلفة حتى نزيد من فعالية تلك العمليات بينهم، وخاصة فى مجالات التفاوض السياسى والعلاقات الدولية.
ومما يجدر التنويه إليه أن هناك نقاط أخرى عديدة يحسن الالتفات لها من قبيل العلاقة بين مستوى التدين والاتجاه نحو المحاجة، وطبيعة العلاقة بين القدرات الإبداعية والمحاجة لدى الأفراد فى المجالات التطبيقية المتنوعة.
وختاماً فإنني أرجو أن أكون قد نجحت فى تقديم تصورات تتسم بالوضوح حول ذلك الموضوع الحيوى الذى يعد ملمحا مميزا للأمم المتحضرة، ونحسب أنفسنا منها، التى تدرب أفرادها مبكرا على إدارة خلافاتهم واختلافاتهم بالكلمات لا باللكمات.