شعراء الطرق ورحلة التوثيق

 

تعال معى أيها القارئ الرقيق، يبدو أننا قد ألّف الله بين قلوبنا، لنترك جو الديناميكية العملية التى عرضناها كتنوير عن صناعة ـ وبل عناء صناعة ـ هذا الكتاب وهيا ننظر معا من طرف خفىّ على رحلة التوثيق المبدئية التى ارتحلها هؤلاء الشعراء المكافحون سعيا لأن ينالوا بذلك رضا الكلمة التى يتقبل من يرغب نيل رضاها أن يبحث عن الأسماك فى مدارات الأفلاك أو أن يفتش عن الضباب بين طيات التراب!! فانظر إلى جهادهم عندما شاركوا بمؤتمر الذات والأخر بالثقافة العربية والإسلامية الذى انعقد بكلية دار العلوم، جامعة المنيا، على اليوم 26-12-2009 وحتى اليوم 28-12-2009 م، الذى شارك فيه مؤتمرون من مصر والدول العربية والإسلامية، وفيه نال شعراء الطرق دعوة رسمية باسم الدكتور سيد كاسب وشعراءه للحضور والمشاركة بالمؤتمر وذلك بعد نشر كتابهم الأدبي الأول "شعراء الطرق ... ديواننا".

 

واستعد الدكتور سيد كاسب وبنيه الذين جاءوا على متون القطارات والحافلات وضوامر المواصلات من كل بلد بعيد فرحين بهذا التقدم النسبى المبشر، انظر واطلع، على أحد الشعراء والذى نشر روايته القصيرة التى تتألف من أربعة فصول تسرد أحداث ووقائع وتواريخ بل وساعات حدوث المشاركات!! وكذلك ما طرأ من ملابسات آنية على الشباب الشعراء ـ والتى يمكن اعتبارها مخطوط توثيقى نادر، على حسب أقواله، لحركة شعراء الطرق ـ لقد أخذنا منها الفصل الثالث الذى يحكى يوم الندوة الأدبية بالمؤتمر بلغة تتضافر فيها الفصحى والعامية ببساطة ومرح يشير، ربما ضمنيا بشكل أكثر، إلى الفرح الذى غمرهم لوصولهم لمقام أوقفهم فى مؤتمرات عالمية!! هذا علي حسَّان يكتب روايته التى سمّاها "مؤتمر الذات (والذات!) فى الثقافة العربية والإسلامية" والتى أحضرنا منها الفصل الثالث حيث حكى "علي حسَّان" عن رحلته الشخصية من محافظة الأقصر وصولا إلى المنيا وعن استقبال شعراء الطرق له ولم يكن يعرف منهم الكثير وكذلك كان حالهم معه وعن رحلتهم فى النيل وصولا بالقارئ إلى قاعة الندوة الأدبية بمساء ذلك اليوم:

 

الحلقة (3)

لقد أخبرنى أسامة أن ينتظرنى على المحطة، لعل له عذر، وحاولت أن أتصل به مرارا! ولكنه لم يرد .

ـ ايه يا بشمهندس إيهاب، أمال فين أسامة وثابت؟؟

ـ والله ثابت قال حيحضر وأسامة معرفش حاله ايه!! أنا برن عليه ما بيردش

ـ وأنا كذلك مع أسامة

دق جرس الهاتف برقم غريب، ففتحت له،

ـ اتفضل يا افندم ..

ـ حضرتك رنيت ع الرقم ده؟؟ أى خدمة؟

ـ أنا آسف، بس أنا مرنيتش ... اتفضل

ـ ههههه، أنا اسامة يا على!

ـ ايه يا أسامة، أنت عارف الساعة كام دلوقتى، انت فين؟! الساعة تمنية ونص

ـ علي وصول .. يلا مع السلامة

- وقال إيهاب: يا رب عقبال ثابت ما يوصل

 

بالساعة التاسعة بدأت الندوة، وتجمّع لها الحاضرون ـ باثوييون وعاديون ـ وظللنا نستمع للشعراء الكبار والضيوف من الكويت وليبيا والدول العربية والذين يقدم لهم د/ منير فوزى رئيس الندوة .... وما أن أدركنا الساعة العاشرة إلا ربع ظهر الخوف علي فاطمة حسن من جراء غياب مصطفى ثابت وناهد سيد عن الندوة

ـ ناهد وثابت لسه ما وصلوش يا دكتور سيد

ـ ما تخافيش يا فاطمة يا بنتى .. حيوصلوا إن شاء الله

كنت ـ أنا ـ قد جلست بجانب الباثويين وكنا نشكل خطا يقطع ـ تقريبا ـ القاعة إلي نصفين،

ـ أنا: ده درويش الأسيوطى، وده عبد الستار سليم، وده جميل، وده محمد فؤاد وده عزت الطيرى .... أنا عارف معظم شعراء الأقاليم

ـ هاجر سيد احمد: يا رب تشرفونا بينهم، إن شاء الله

ـ درويش ده معمولة فيه أبحاث وأوراق أدبية ودراسات كثيرة

وما لبثت فاطمة أن أتتنى ـ فى حوالى العاشرة والربع ـ قائلة

ـ برضو لسه ثابت ما وصلش، حنعمل ايه؟؟

وقالت فايزة: روح يا على لدكتور سيد خليه يطلعك أول واحد .. إحنا لو طلعنا الأول ممكن نتلخبط

ـ ماشى حاضر .. ربنا يستر يا شباب

على العاشرة والنصف وصلتنا اخبار ان العربة التى يستقلها ثابت عملت حادثة!!

ـ ايه؟ امته؟ ازاى؟؟

ـ هو سليم .. ماتخافوش، بس صاحبه اتصاب وراح معاه ع المستشفى

 

انقلب سروري حزنًا وفرحى غمّا، فثابت كان على الصحراوى وليست حوادث الصحراوى بالهينة!! يا ألله!! أليوم الذى حلمت أن أراك فيه يا ثابت أراك ميتًا؟! يا عم ميتـًا إيه؟ أعوذ بالله ..

قمت للدكتور سيد وأخبرته أن غياب ثابت يستوجب أن أكون أنا أول القائلين ووافقنى دكتور سيد بهدوءه المعروف ..

أنا: يا ناهد، تصدقى احنا نسينا ما نجهز قصاقيص أدبية

ـ مش مشكلة يا على، المهم نكون واثقين من أنفسنا

ودارت الامسية وتبقى شعراء الطرق فى نهاية الطريق والذين قدم لهم د/ سيد كاسب، قام د/ سيد هادئا وعرّف المشروع ورسالته وأهدافه، والكتاب الأدبي الأول للمشروع "شعراء الطرق ... ديواننا" ومراحله وثم قدّم لشعراء الطرق وبدأ بى ـ أنا ـ لأصعد على المنصة!

وقمت وأنا غاضبٌ ثائر نافر كاره

لك أن تتصوّر حالى بعد كل تلك المشاهد المربكة /

ووثبتُ على المنصة فى ثورة قائلا:

 

نحن الشعراءْ

قومٌ

(وأدرت يدى بجوار أذنى دلالة على الجنون)

شرفاءْ!

نكتب شعرًا فى صحراء

لا نجد دواءا

حين يُصاب الشعرُ بداءْ

نرجع لضجيج مدينتنا

ونموتُ هباءْ!!

 

وحدثت بلبلة وهرَج فى الجمهور، وصدر صوت غير خافت (مين ده؟) أغضبنى ذلك، ولكن رددت، لم أرتب كلامى لما قلت: أنا علي حسَّان، أحد شعراء الطرق، ونعرّف بأنفسنا ولأنفسنا ـ نعرّف بأنفسنا: نحن شعراء الطرق وكفى (وهنا صرختُ) ونعرف لأنفسنا: إننا قادمون!! وتصاعد الفعل بعد القول بالقاعة.

 

وقلت قصيدتى "وطني يمتاز" (صفحة 31) وقدم د/ سيد لفايزة حسن والتى قامت تشكره وتقول شعرها الخفيف، ثم قام يقدم لناهد سيد مصطفى، وكان مصطفى ثابت قد حضر سليما والحمد لله فأوحى د/ سيد إليه أن إذا أردت أن تلقى، فاقترب، وفعلا قام ثابت من بعد ناهد، وهو ثابت، يقول قصيدة رائعة، ثم قام محمود عزت القاضى وقال فأمتع وكان أسامة فؤاد قد قال فأبدع، الله يا شعراء الطرق!!

 

انتهى المؤتمر وخرج الناس وإذا بالشباب يلتفون حول د/ سيد بقوة وهو يوزع نسخ من الكتاب أو أوراق أدبية خاصة بنا،،،

 

هكذا رأينا علي حسَّان يوثق لحركة شعراء الطرق فى إشارة إلى رغبة حقة فى استكمال المبتدأ وإدراك المنتهى وجدير بالذكر أن هذا المؤتمر قد شهد توزيع حوالى الف نسخة من ديوان شعراء الطرق كاملا او قصيدة شعراء الطرق التفاعلية "ثلاثية أفيقي" (صفحة 234-235) التى كتبها أحمد رفعت وعلي حسَّان ومحمد رفاعى فى تناسق بديع لم يحدث ـ فيما بلغنا من العلم ـ فى التاريخ الأدبى العربى!! وذلك بدعم ورعاية من الدكتور سيد كاسب مدير مشروع الطرق المؤدية إلى التعليم العالى، الذى وزع هذا فى أيام المؤتمر الأولى مما اكسب شعراء الطرق انطباعا جيدا وحضورا مناسبا لحماسهم المتقد وعزيمتهم الغامرة.


 

 

فراغ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لعلَّ قصيدة تجد هذا الفراغ

سيد كاسب