تقديم
يأتي هذا الكتاب فى إطار الخبرة العملية الواسعة للمؤلفَين في مجال
المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى خبرتهم الأكاديمية؛
لذلك فإن هذا الكتاب يهدف إلى مساعدة الشباب فى إنشاء المشروعات
الصغيرة وتنميتها والفرص المتاحة والتحديات التى تواجهها فى عالم
سادت فيه البطالة وأصبح فيه الحصول على وظيفة متميزة حلم بعيد
المنال.
وإذا عدنا بالذاكرة فسنجد أن هذا ما قد حدث في عصر ما قبل الثورة
الصناعية، وأن الثورة الصناعية أتاحت وظائف ذات طبيعة مختلفة،
وتأتى الثورة الإلكترونية الآن لتقلص في ظاهرها عدد الوظائف وخاصة
مع تزايد التجارة الإلكترونية وتعاملات الناس بالكروت الممغنطة.
أضف إلى ذلك زيادة عدد السكان. ولو نظرت إلى حالنا فى العالم
العربى؛ لعرفت أن الجامعات تخرج سنويا ملايين الشباب؛ فى حين تقاس
حاجة السوق النمطية للعمل بالآلاف.
ورغم هذه المعطيات فإن كل شاب وفتاة من حقه أن يحلم بغدٍ أفضل،
أكثر إشراقا وابتساما، وأن يصبح يوما ما أحد رجال الأعمال. لكن
كيف، ومتى، وأين، ولماذا؟ كلها أسئلة تدور فى أذهاننا وخاصة الشباب
الباحث عن فرصة عمل فى ظل ظروف تاهت فيها الخطى وتفرقت فيها السبل.
ولكن على الشباب أن يروضوا أحلامهم، والسؤال كيف؟ دعنا نفترض سويا
أن شابا تخرج اليوم فى الجامعة وعمره لا يزيد عن ثلاثة وعشرين
عاما، إنه فى ريعان الشباب والقوة، أليس كذلك؟ إذن ما الذى يمنعه
من أن يقتحم الصعاب ويتعلم كيف يبدأ من حيث انتهى الآخرون؟ سؤال
وجيه؛ ولكن دعنا نعرف أين انتهى الآخرون؟ انظر إلى عالمنا العربى
الواسع وحاول أن تدرس، كما تعلمت فى الجامعة، كم تبلغ واردات
العالم العربى؟ وما هى نوعية هذه الواردات؟ واحسب أيضا صادرات
العالم العربى، وما هى صادرات كل دولة على حدة. أعتقد أن الإجابة
واضحة.
وفى عالمنا العربي، الكل يجمع على أن هناك فجوة حقيقية بين مهارات
الخريجين ومتطلبات سوق العمل، وكثر الحديث فى الآونة الأخيرة عن
المشروعات الصغيرة وأهميتها فى إيجاد فرص عمل للشباب وخاصة مع وجود
ملايين الخريجين الباحثين عن فرصة عمل فى ظل اقتصاد السوق الحر.
ويكاد يجمع الكل على أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة تمثل قاطرة
التنمية وخاصة فى البلدان ذات العمالة الكثيفة، فقد نجحت التجربة
فى دول جنوب شرق أسيا وحققت المعادلة الصعبة رغم زيادة أعداد
السكان وقلة الموارد.
وتشير الإحصاءات إلى أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة تمثل 98% من
مجموع المؤسسات العاملة فى معظم دول العالم، وقد نما دور المشروعات
الصغيرة والمتوسطة مع نهاية عهد الاقتصاد الموجه وتفعيل دور منظمة
التجارة العالمية.
من هنا جاء اهتمامنا بالمشروعات الصغيرة باعتبارها بارقة أمل فى
إيجاد فرصة عمل متميزة للشباب، وهى كذلك حاضنة رجال أعمال
المستقبل، آملين فى أن يجد طلاب السنوات النهائية وخريجو الجامعات
المصرية السبيل نحو مستقبل أكثر إشراقا وابتساما.
ومن الضرورى التأكيد على أن البرامج التدريبية الجادة تساعد الشباب
على التفكير بصورة غير نمطية وتجعله لا يستخدم لفظ (الواسطة)
لتبرير الفشل فى الحصول على عمل، فهناك قدرات ومهارات وتفكير
ابتكارى تمكن كل خريج من الحصول على عمل مميز، وهناك مجال
المشروعات الصغيرة التى يجب أن تدرس جيدًا قبل بدءها، ويجب مراقبة
التكاليف الاستثمارية والجارية بكل دقة، وكلما كان المشروع
بالمشاركة (وبدون قروض) كان أقدر على حرية الحركة واتخاذ القرار،
وكلما كانت المخاطرة أكبر – بعيدا عن الوظيفة النمطية – كان الربح
المتوقع أكبر.
ويمكن القول إن هناك تصنيفات متعددة للمشروعات الصغيرة والمتناهية
الصغر والمتوسطة والكبيرة، فقد ذهب البعض إلى أن المشروعات يمكن
تصنيفها حسب رأس المال، وذهب البعض الآخر إلى التصنيف حسب عدد
العمالة، أو حسب نوعية المشروع والمنطقة الجغرافية. ونحن هنا نميل
إلى التصنيف حسب عدد العمالة؛ ذلك أن القيمة السوقية لرأس مال
المشروع متغيرة مع الزمن، وأن نوعية المشروع أيضا متغيرة، ومن ثم
فإن الاعتماد على حجم العمالة أكثر واقعية. ورغم أن هذا الكتاب
يستهدف الراغبين فى إنشاء المشروعات الصغيرة وتنميتها ومعرفة الفرص
المتاحة والتحديات التى تواجهها، إلا أنه يتضمن معلومات مفيدة تخص
المشروعات المتوسطة خاصةً أنه لا توجد حدود فاصلة بين كلا النوعين
من المشروعات.
ولكى نتعرف على المشروعات الصغيرة عن قرب ونعرف كيف يمكن للشباب أن
يبدأ مشروعا صغيرا يوفر له حياة كريمة ويعمل على تنميته، لابد لنا
من تناول الموضوعات ذات الصلة بالمشروعات الصغيرة مثل: دراسات
الجدوى، التسويق، الإدارة، الجودة.
ونود أن نوضح أننا قمنا بتكرار مفاهيم عديدة وذلك حتى نؤكد على
أهميتها، كما قمنا بعدم التفصيل فى مفاهيم أخرى (رغم أهميتها) وذلك
لأن مطبوعات مشروع "الطرق المؤدية إلى التعليم العالى" الأخرى تغطى
هذه الأجزاء. وأخيرا فإن هذا الكتاب يأتى ضمن سلسلة المطبوعات
التدريبية للمشروع ولذا فقد تم تقسيم هذا الكتاب إلى ثلاثة أجزاء
رئيسية هى:
(أ) إنشاء المشروعات الصغيرة، ويشتمل على:
الفصل الأول: إنشاء المشروعات الصغيرة
الفصل الثانى: دراسة جدوى المشروعات الصغيرة
الفصل الثالث: الإجراءات اللازمة لإنشاء مشروع صغير
الفصل الثامن: الجهات الداعمة للمشروعات الصغيرة
بالإضافة إلى:
ملحق 1:
قانون تنمية المنشآت الصغيرة
ملحق 2:
كيفية الحصول علي قرض من الصندوق الاجتماعي للتنمية
(ب) تنمية المشروعات، ويشتمل على:
الفصل الرابع: إدارة المشروعات الصغيرة
الفصل السادس: التسويق بهدف تنمية المشروعات
بالإضافة إلى:
المراجع
(ج) تدريبات عملية وتجارب من الحياة، ويشتمل على:
الفصل الخامس: نماذج ناجحة للمشروعات الصغيرة
الفصل السابع: دراسة حالة لمشروع صغير
وأخيرا،
فالشكر موصول لكل من أسهم فى إخراج هذا الكتاب سواء:
المراجعات الفنية:
أ.د. كامل على عمران الأستاذ بكلية التجارة –
جامعة القاهرة
أ. حسن موسى رزق ماجيستير إدارة أعمال
المراجعات اللغوية:
أ. صفوت على صالح مدرس مساعد بكلية دار
العلوم – جامعة القاهرة
أ. على مصطفى على خلاف مدرس ثانوى بالأزهر
وكافة أعضاء فريق إدارة مشروع "الطرق المؤدية إلى التعليم العالى".
|