من المفترض، والملاحظ أيضا، أن هناك العديد من المظاهر الارتقائية التى تحدث فى الكثير من المهارات الحجاجية، وبمقادير مختلفة لدى الأفراد عبر العمر، بصورة مقصودة أحيانا وغير مقصودة أحيانا أخرى، وحتى نكشف بطريقة منهجية عن بعض تلك المظاهر قمنا بتقديم مجموعة من القضايا ذات الطابع الخلافى لعينات من طلاب الإعدادي والثانوي والجامعة (ن = 300(7))، وطلبنا منهم أن يكتبوا حججا تدعم وجهة نظرهم حولها، فضلا عن تفنيد وجهة نظر معارضيهم بشأنها، وتوصلنا من تحليل مضمون تلك الحجاجات إلى مجموعة من المهارات الحجاجية المستخدمة فيها والتى بلغ عددها (72) مهارة يبينها جدول (3-1) السلوكيات والمهارات الحجاجية الشائعة لدى عينات البحث الثلاث.

لاستعراض محتويات الجدول أضغط على اسم الجدول بأعلى:

حين نفحص السلوكيات والمهارات الحجاجية الشائعة لدى عينات البحث الثلاث كما يكشف عنها جدول (3-2) الفروق بين العينات الثلاث فى معدل شيوع بعض المهارات الحجاجية، سنجد مجموعة بارزة من الفروق الحجاجية بينهم، و التى تعد بمثابة مؤشرات لارتقاء المهارات الحجاجية عبر العمر، وحري بالذكر أن هذه المؤشرات تتمثل فيما يلي:

لاستعراض محتويات الجدول أضغط على اسم الجدول بأعلى:

(3-1) نمو القدرة على توليد أكبر عدد من الحجج أثناء المحاجة عبر العمر:

حين حسبنا متوسط عدد الحجج التى أصدرها كل مجموعة كان متوسط مجموعة الإعدادى 11.3 + 3.4 حجة، والثانوى 13.3+ 4.3 حجة، والجامعة 17.2  ±5.8 حجة، وقد كان الفارق بينهم دالاً، وهو ما يعنى أنه كلما زاد العمر ارتفع متوسط عدد الحجج التى يستخدمها الفرد فى مواقف المحاجة حول القضايا الخلافية. هذا فيما يتصل بالمتوسط العام لعدد الحجج لكل مجموعة، وقد حصلنا على نتائج مشابهة حين تعاملنا مع نسب من قدموا عدداً أكبر من الحجج (أكثر من خمسة عشرة حجة) على مجمل القضايا حيث بلغت تلك النسبة فى عينة الأعدادى (20%) فقط ثم ارتفعت هذه النسبة لتصل إلى (38%) من عينة الثانوي، وازداد ارتفاعها لتصل الى (67%) فى عينة الجامعة، وهو ما يكشف عن ارتقاء Development حجاجي عبر العمر. ومن المفترض أن يعكس هذا الارتقاء الكمى ارتقاء كيفيا موازياً فى طبيعة المهارات الفرعية المستخدمة، فالكم، كما يقال، يولد الكيف، وهو ما سيبرزه المؤشرات التالية.


(3-2) زيادة معدل شيوع بعض مهارات المحاجة عبر العمر:

حين تفحص نتائج الجدول السابق(جدول (3-2): الفروق بين العينات الثلاث فى معدل شيوع بعض المهارات الحجاجية) سنجد أنها تشير إلى أن هناك مهارات حجاجية بعينها يطرأ عليها تحسنا كبيرا عبر العمر حيث يزيد معدل استخدامها فى عمليات المحاجة مما يعد ملمحا ارتقائيا من قبيل مهارة.

 لاستعراض محتويات الجدول أضغط على اسم الجدول بأعلى:

"إعادة تأطير القضية" (8)، والتى تنطوى على إعادة تعريف المسألة المطروحة بصورة جديدة تخدم هدف الفرد، وعدم الانسياق أو الاعتماد على الاستخدام الذى يفرضه الطرف الأخر عليه. وهو ما يكشف عن قدر اكبر من الاستقلالية الفكرية، وكذلك ارتفاع مهارة التعامل مع جانبى المسألة، والتى تعكس قدرة الفرد على إدراك الحجج المؤيدة والمعارضة فى ذات الوقت، والموازنة بينهما مما يزيد من موضوعيتة إبان المحاجة، وسعة أفقه فى النظر للموضوع، فمن المعروف أن الحجة ذات الوجه الواحدOne side argument  تقدم فقط الوجهة التى يرغبها المتحدث، أما ذات الوجهين  Two sides فهى تضع فى اعتبارها الأدلة المؤيدة والمعارضة (Mcgee & Wilson, 1994:485 ; دى بونو، 1989: 54) وكذلك حدث تحسن ملحوظ فى كل من "مهارة التجذير"(9) أى البحث فى أصل المسألة والإمساك بالعوامل المحورية فيها، و"العقلانية" التى ترتكز على رفض الأحكام المطلقة والاعتماد على معايير موضوعية لإقامة الدليل و"التفريد"(10) أى مراعاة الفروق الفردية والظروف الخاصة والحالات الاستثنائية فى الموقف، و"الواقعية" والتى تتضمن وضع القضية فى حجمها الطبيعى، وعدم تجاهل متغيرات الموقف والاحتكام للواقع كمحك.

وتحسنت أيضا مهارات إبراز الدليل الأسوأ(11) أي توضيح الآثار السلبية الناجمة عن عدم الموافقة على حجة الفرد مما يحث الطرف الأخر على الموافقة عليها، وهى مهارة قريبة الشبه بما يسميه المناطقة قياس الإحراج أو ما يطلق علية المتخصصون فى علم التفاوض السياسى "تكتيك لا ترسلني إلى سيبريا" أى عرض بديلين على الطرف الأخر الأول سيئ جدا، والأخر، الذى يريده الفرد، أقل سوءاً، مما يشجع الطرف الأخر على قبوله مع انه كان سيرفضه إذا قدم منفردا (الخضيرى، 1988: 273) و"العقلية التصنيفية" التى تتضمن القدرة على تكوين فئات واقتراح أطر تصنيفية ذاتية، وتتمثل أهمية تلك المهارة فى أنها تعد إحدى الوسائل الأساسية التى تساعدنا على أن نعرف العالم بصورة منتظمة (Cudy Kunst, 1991,32) و"التفكير الافتراضى الأحتمالى"، أى القدرة على تخيل أوضاع افتراضية معينة والحكم على صحة الحجة فى ضوئها.


(3-3) بزوغ بعض المهارات الحجاجية فى مراحل عمرية لاحقة:

يوضح جدول (3-3) المهارات الحجاجية فى المراحل العمرية اللاحقة أن بزوغ تلك المهارات فى مرحلة الثانوى والجامعة بعدما لم تكن موجودة بصورة محددة فى مرحلة الإعدادي، مثلما يظهر شعر الشارب لدى الفتى بعد ما لم يكن له وجود فعلى، يعد أحد المؤشرات الارتقائية لمهارات المحاجة، وتتمثل أهم هذه المهارات فى "طرح مسلمات" كنقطة بداية ينطلق منها الفرد، والمسلمات كما هو معروف عبارة عن مطلب يتقدم به الرياضى ويقول سلموا لى بنقطة البداية هذه، وسوف يضطر ذهنكم طوال عملية الاستدلال الى قبول ما استنبطه منها (موى، 1967: 112-113)، وهى مهارة مهمة لأنها تعكس عملية استدلال معقدة تتم بهدف إقناع الأخر بوجهة نظر معينة، وكذلك مهارة "استخدام الأسئلة" فى المحاجة سواء كانت ذات طابع استفهامى أو استنكاري (12) لأنه من خلال الاستخدام الملائم للأسئلة يستطيع الفرد الحصول على والربط بين المعلومات الحالية والجديدة لتشكيل نظام من المعرفة (King, 1994)، وهو ما يحسن نوعية عملية المحاجة بطبيعة الحال ويجعلها أكثر خصوبة، ومما يشير الى أهمية الأسئلة أن عالم الفيزياء الشهير "ايزادور رابى" Isador Rabi الحاصل على جائزة نوبل فى الفيزياء ذكر أن أمه كانت تسأله حين يأتي من المدرسة، وهو طفل، ليس ماذا تعلمت ولكن ما هى الأسئلة الجيدة التى سألتها اليوم؟ مما شجعه على تنمية العقل المتسائل لدية (Ibid.)، وظهرت أيضا مهارة استخدام "التهكم" (13)كوسيلة مفيدة فى المحاجة، وتنامت أيضا مهارة "الاستدلال العكسي"(14) والذى يعنى الانتقال للنقيض لإثبات صحة الحجة أي قلبها، وكذلك مهارة "عقد المقارنات" بين مواقف مختلفة للتدليل على صحة ما يذهب الفرد إليه.
ومن المعروف أن المماثلة كما يشير "جنتنر وهوليوك" آلية معرفية مفيدة تمكن الناس من إدراك أوجه الشبه، وفهم الموقف الجديد فى ضوء موقف سابق أصبح مألوفا، وهى عملية مفيدة فى بناء الحجج وحل المشكلات (Gentner & Holyoak, 1997) وكذلك مهارة التوصل إلى "حلول توفيقية" لحسم الاختلاف حول المسألة، وهو مؤشر ارتقائي وصمام أمان لضمان عدم تفاقم النقاش وتحوله إلى نزاع ومن ثم صراع، وكذلك "الاستدلال التاريخى" وتوظيف المعلومات التاريخية لتقييم أدلة مدعمة للحجة، وهو ما يكشف عن سعة اطلاع الشخص.

لاستعراض محتويات الجدول أضغط على اسم الجدول بأعلى:


(3-4) انحسار بعض السلوكيات الحجاجية السلبية عبر الزمن كمؤشر ارتقائي:

تكشف نتائج الجدول السابق (3-4) السلوكيات الحجاجية التى ينخفض معدل شيوعها مع التقدم النسبى فى العمر لدى عينات البحث عن انخفاض معدل شيوع بعض السلوكيات الحجاجية السلبية، ومن ثم فإن ذلك الانخفاض النسبى عبر العمر يعد علامة ارتقائية حينئذ، فعلى سبيل المثال كانت "النظرة الجزئية للأمور" شائعة فى عينة الإعدادي(15)، والثانوى، والتى تشير إلى الانشغال بالجزئيات عن الموضوع الرئيسى الكلى، والاستغراق فى تفاصيل فرعية معينة فى الحجة وإغفال الإطار العام لها، بيد أنها انخفضت بصورة ملحوظة فى عينة الجامعة.

لاستعراض محتويات الجدول أضغط على اسم الجدول بأعلى:


وكذلك حدث تناقص واضح "فى التمركز حول الذات" أثناء المحاجة مع الطرف الأخر فى عينة الثانوى والجامعة مقارنة بالأعدادى مما يعكس ميلا كبيرا فى تلك الحقبة لاعتبار منظور الأخر
(16)، بدلا من التركيز على منظور الفرد فقط، وكذلك حدث انحسار ملحوظ فى "الأسلوب الوجوبى" والذى يفرض الفرد بمقتضاه على الأخر ما يجب أن يقوله، ويفعله، وأيضاً تناقص معدل "إصدار" الأحكام المتطرفة القاطعة(17) (التطرف الحكمي)، وكذلك "التصلب الحجاجي" حيث يغلب على الفرد النظرة الأحادية للأمور، وإغفال الأبعاد الأخرى فى الموقف. وهناك انخفاض ملحوظ أيضا فى "النظرة السطحية لموضوع المحاجة" وعدم مناقشة أساسه، حيث كان ملمحا بارزاً فى عينة الأعدادى، وانخفض لدى عينة الثانوى بقدر ملحوظ ثم تدنى حتى كاد ان يغيب لدى عينة الجامعة.
نخلص من هذا إلى أن هناك توجه فى المحاجة يتصاعد عبر العمر، فيزيد فى عينة الثانوى مقارنة بالأعدادي، وبالجامعة مقارنة بالثانوي، ويتمثل فى مزيد من التجريد، والبعد عن التناول الجزئى العيانى للأمور، والابتعاد عن الأحكام الوجوبية التى تتجاهل الظروف المتفردة للطرف الأخر، وتجنب الأحكام القاطعة، والألفاظ الحادة ذات الطابع العدائى.
 


(3-5) تبلور نمط حجاجي أكثر فعالية عبر العمر:

يلاحظ من خلال فحص البيانات المتوفرة عن مظاهر ارتقاء مهارات المحاجة عبر فئات العمر المتعاقبة فى عينات البحث أن كل فئة تتسم بغلبة نمط حجاجى معين دون غيرها، ويوضح جدول (3-5) الملامح العامة لنمط المحاجة السائد بين كل فئة من فئات عينات البحث من طلاب الاعدادى، والثانوى، والجامعة.

لاستعراض محتويات الجدول أضغط على اسم الجدول بأعلى:

حين نفحص ملامح هذا الجدول لكى نستخلص ملامح نمط المحاجة فى كل مرحلة عمرية سنجد ما يلى:

• فيما يتصل بمرحلة الإعدادى فإن أكثر تلك السلوكيات بروزا تمثلت فى النظرة الجزئية، والنظر من زاوية واحدة للمسألة (التصلب)، والتطرف فى الحكم والتفكير الوجوبى، والسطحية، والعيانية، والتمركز حول الذات وهى سلوكيات ذات طابع سلبى، أما السلوكيات الحجاجية الإيجابية فقد أتت فى مكانة أقل تقدماً وكانت أقل شيوعا من قبيل التسلسل الحجاجي، وطرح بديل مغاير(18)، والواقعية، والتفريد أى ان السلوكيات السلبية بلغ عددها (9) مقابل (5) إيجابية.


• أما المهارات الحجاجية السائدة فى عينة الثانوى فتمثلت فى الإطلالة على جانبى المسألة، والتسلسل الحجاجي، والإشارات الدينية والواقعية، واستخدام الحجج الشرطية، واعتبار الأخر، والعقلانية، والتجذير، والعقلية التصنيفية، وهى سلوكيات ذات طابع ايجابى، أما ذات الطابع السلبى فتمثلت فى النظرة الجزئية، والانفعالية، والعمومية أى أن معظم المهارات الأكثر شيوعا والتى شكلت النمط الحجاجى لهم كانت ذات طابع ايجابى (11) مقابل ثلاث سلوكيات فقط ذات طابع سلبى.


• وبالنسبة لعينة الجامعة فقد كانت مجمل المهارات الأكثر شيوعا والمعبرة عن نمطهم الحجاجي ذات طابع ايجابي (15 مهارة) حيث تمثلت فى الإطلالة على جانبى المسألة، وإعادة تأطير القضية، والواقعية، وطرح بديل مغاير، والتجذير، واستخدام الحجج الشرطية، والتفريد، وطرح مسلمات، والتسلسل الحجاجى، واستخدام الأسئلة، والعقلانية، وتعظيم مفعول الحجة الشخصية، وإبراز البديل الأسوأ، والعقلية التصنيفية، والنظرة المستقبلية للأمور.

نخلص من هذا الى أن كل فئة تتسم بغلبة نمط حجاجى معين يميزها عن غيرها، ففى عينة الإعدادي كان سائداً فيها نمط حجاجى سلبى يتسم بالذاتية وأحادية الرؤية، والتعجل فى إصدار الأحكام، والتشبث بالرأي الشخصى بغض النظر عن صحته، وتجاهل المتغيرات الواقعية، والغياب النسبى للنظرة المستقبلية، بيد أن هذا النمط الحجاجى أصبح يأخذ ملامح مختلفة – أكثر إيجابية – فى المرحلة الثانوية تمثلت فى التخلى عن رؤية المسألة من زاوية واحدة فقط، وإصدار أحكام أكثر عقلانية، ومحاولة البحث فى جوهر القضية، وتفهم وجهة نظر الأخر حولها. وفى المرحلة الجامعية حدث تحسن نوعى أيضا فى ذلك النمط، حيث أصبح الفرد أكثر تفهما للآخر، وانفتاحا على آرائه، ومحاولة فهمها، والإحاطة بجوانبها التفصيلية، من خلال طرح المزيد من الأسئلة عليه، والسعى فى الوقت ذاتة لإقناع الطرف الآخر برأيه بوسائل متنوعة بعضها منطقى من خلال طرح مسلمات واشتقاق نتائج ملزمة منها، والآخر تخويفى وذلك بإبراز البديل الأسواء فى حالة عدم قبول ما يترتب على مسلماته، وذلك مع مراعاة الطابع الخاص للموقف، والأخذ بعين الاعتبار الحالات الخاصة والاستثنائية للمسألة(19) أي أنه يمكننا القول بأن النمط الحجاجى للأفراد يسير فى وجهة ارتقائية تمتد على عدة محاور قوامها المزيد من المرونة الحجاجية، والنظر للجوانب الإيجابية والسلبية للمسألة، والتخلى عن التمركز حول الذات واعتبار منظور الآخر بدرجة أكبر، والاحتكام للمعايير العقلانية والواقعية فى إصدار الأحكام على الأمور، والغوص بدرجة أكبر نحو أساس الأشياء وعدم الاكتفاء بالتعامل معها وفهمها بصورة سطحية، وتجميع مزيد من المعلومات بوسائل متعددة عنها، وتتمايز الوظائف الحجاجية لدى الفرد، حيث لا يكتفى بأن يكون مفندا لوجهات نظر الأخر ومدافعا عن وجهات نظره أى النظرة التفنيدية الدفاعية، بل يحاول أيضا أن يمارس الوظيفة الإقناعية الاستمالية لجذب الأخر لصفه. كذلك يتعامل الفرد مع عامل الزمن بصورة أكثر تنوعا فتتجاوز نظرته اللحظة الراهنة، ويستند الى الأدلة التاريخية لدعم تصوراته، ويضع النظرة المستقبلية للأمور فى حسبانه أيضا.

ويلاحظ أن هذا النمط الحجاجي Type لا يختلف كثيرا لدى الذكور عن الإناث، حيث أننا حين حاولنا استطلاع نمط الذكور مقابل الإناث فى المحاجة وجدنا أكثر المهارات شيوعا لدى الذكور تمثلت، مرتبة ترتيبا تنازليا من حيث الشيوع، فى الإطلالة على جانبى المسألة، والقفز على المقدمات، والنظرة الجزئية، وطرح بديل مختلف عن الذى يطرحة الأخر، والواقعية، وإعادة تأطير المسألة، والتسلسل الحجاجى، والحجج الشرطية، والتفريد، والتمركز حول الذات، والتجذير. أما بالنسبة للإناث فكانت الإطلالة على جانبى المسألة، والواقعية، وطرح بديل مغاير، وإعادة تأطير القضية، والتسلسل الحجاجى، والتمركز حول الذات، والحجج الشرطية، والتجذير، والتفريد، والعقلانية، والانفعالية.

تكشف هذه المقارنة – بشكل عام – عن وجود قدر مرتفع من التشابه فى النمط الحجاجى بينهما، حيث احتلت قائمة المهارات الأكثر شيوعا لدى كل منهما تسع مهارات متشابهة، بغض النظر عن الاختلاف النسبى لترتيب كل منها بالقائمة، وهو ما يشير بصورة عامة، الى تشابه بنية مهارات المحاجة لديهما على الرغم من وجود بعض الفروق المحدودة من قبيل أن الذكور أكثر جزئية، ومحاولة لفرض وجهات نظرهم على الأخر بالقفز على المقدمات، فى حين أن الإناث أكثر استقلالية، ولديهن ميل للعرض المتوازن للحجج، ويغلب عليهن أحيانا الطابع الانفعالي، وقد يعزى ذلك إلى الرغبة فى التنفيس عن توتراتهم، أو مقاومة فرض وجهات النظر عليهن، أو تعظيم الأثر الإقناعى لحججهم.


الهوامش:

(7) من بين هذه القضايا: الدروس الخصوصية ضرورية لنجاح الطلاب وتفوقهم، وجوب منع الباعة الجائلين من الوقوف بالشوارع والأرصفة، وإلغاء مباريات كرة القدم لأنها تشغل الشباب، وإعدام المدمنين لأن ليس هناك فائدة من علاجهم، وإزالة الأحياء العشوائية فوراً ونقل سكانها إلى خارج القاهرة.

(8) قال أحد طلاب الجامعة ردا على قضية ضرورة إنهاء الإرسال التليفريونى مبكرا للقضاء على السهر بقوله "ليس الإرسال التليفزيونى هو الذى يؤدى الى السهر ولكن هناك أسباب أخرى منها، على سبيل المثال، عدم قدرة الفرد على تنظيم وقته"
(9) أشارت إحدى الطالبات الجامعيات إلى أنه " ليس إعدام المدمنين هو العلاج ولكن الحل يكمن فى اكتشاف ذلك والقضاء عليه"

(10) قال أحد طلاب الجامعة مبررا رفضه إنهاء الإرسال التليفزيوني مبكرا للقضاء على السهر بقوله "هناك من يعودون من العمل ليلا متأخرا وبذلك لن يكون متاحا لهم وقت للمشاهدة"

(11) أشار أحد طلاب الجامعة كنموذج لإبراز البديل الأسوأ ردا على مسألة منع الباعة الجائلين من الوقوف بالشوارع بقوله: "كلمة بائع جائل أفضل من كلمة متسول أو مجرم"

(12) بدأ استخدام الأسئلة الاستنكارية على أيدي طلاب الجامعة كوسيلة للمحاجة مثل قول طالب ردا على قضية يجب منع الباعة الجائلين من الوقوف بالشوارع "لماذا نغلق بابا للرزق الحلال لأناس لم يجدوا ما يسد جوعهم واحتياجات بيوتهم؟"
(13) قالت إحدى طالبات الجامعة ردا على قضية ضرورة إعدام المدمنين فلا فائدة من علاجهم متهكمة بقولها "إذا كان الإعدام هو الحل الوحيد
للتخلص ممن لا فائدة منه لفرغت الأرض من سكانها وقالت أخرى إذا أخذنا الأمور بهذه الطريقة فعلينا إعدام كل مرضى السرطان الذين لا أمل فى شفائهم".
(14) كنموذج لذلك النوع من الاستدلال أجاب أحد طلاب الثانوى ردا على قضية أن الدروس الخصوصية ضرورية لنجاح الطلاب وتفوقهم بقوله "أنها ليست ضرورية بدليل أن هناك طلاب أوائل على مستوى الجمهورية لا يعرفون طريقها وآخرون يأخذونها ولا يتمكنون من النجاح"

(15) ذكرت إحدى طالبات الإعدادي فى هذا المقام إنها "توافق على إنهاء الإرسال التليفزيونى مبكرا حتى توفر استهلاك الكهرباء"

(16) بررت احدى الطالبات رفضها إعدام المدمن بقولها "أن المدمن إنسان مثلنا" وقالت أخرى "كل واحد منا معرض لان يكون فى مثل هذا الموقف".

(17) رفض أحد طلاب الثانوى مسألة منع توظيف النساء لتوفير فرص عمل للرجال بقوله "أن المرأة تساوى الرجل فى كل شئ" فى حين بررت طالبة فى الإعدادي موافقتها بقولها "أوافق لأن النساء فى العمل لا يفعلن أي شئ فى العمل سوى تجهيز الخضراوات فى المكاتب".

(18) قالت إحدى طالبات الاعدادى "الرأى الصواب بدلا من إعدام المدمنين – هو إعدام من يروجون للمخدرات".

(19) ذكرت احدى الطالبات الجامعية ردا على مسألة منع توظيف النساء لتوفير فرص عمل للرجال "ان هناك نساء أرامل ومطلقات فى حاجة ماسة الى وظيفة".