(6-1) الوقوف على طبيعة عمليات التنشئة الحجاجية:

الوقوف على طبيعة عمليات التنشئة الحجاجية داخل المؤسسات المجتمعية المتنوعة كالأسرة أو المؤسسات والمنظمات التى يعرف عن أفرادها تمكنهم من المهارات الحجاجية عبر حياتهم المهنية الممتدة، كما فى حالة المؤسسات القانونية (رجال القضاء، والنيابة، والمحاماة) والمنظمات النقابية (الزعماء النقابيين) حتى نقف على طبيعة الممارسات السائدة فيها والتى تهدف، وتؤدى إلى تنمية المهارات الحجاجية لدى أفرادها، ومن ثم نوظف تلك المعلومات فى بناء برامج لتنمية المهارات الحجاجية لأفراد المجتمع الآخرين.


(6-2) الاتجاه نحو المحاجة والعلاقات الحميمة:

يجب علينا أن نبحث فى هذا الإطار عن إجابة للسؤال التالى: إلى أي حد يؤدى تباين اتجاهات طرفى العلاقات الحميمة، كالصداقة والزواج، نحو المحاجة إلى تحديد طبيعة تلك العلاقة، ومعدل التناغم أو الصراع داخلها؟ وفى محاولة لطرح هاديات معينة على الإجابة على هذا السؤال يشير "رانسر" وزملاؤه إلى أنه إذا كان الزوج يعتقد أن المحاجة وسيلة فعالة لحل الخلاف، فى حين تعتقد الزوجة عكس ذلك؛ فإن هذا قد يساعدنا على فهم بعض أسس الصراع بينهما بصورة أفضل (Rancer et al, 1985)، ومن هذا المنطلق فإننا بحاجة إلى دراسة مدى التوافق الأتجاهى نحو المحاجة بين أطراف العلاقات الحميمة حتى يؤدى فهمنا للعوامل المسهمة فى نشأة الخلافات بينهما إلي تخطيط أساليب إرشادية للتغلب عليها.


(6-3) تحليل مجموعة من المحاجات الفعلية:

تحليل مجموعة من المحاجات الفعلية سواء تلك التى تجرى فى ساحات المحاكم، أو المناظرات التلفزيونية، أو المناقشات الزوجية، أو المعارك الصحفية، وكذلك تحليل عمليات التفاوض، والمساومة، وكتابات المشاركين فيها بعد انتهائها (Lambert, 1997) بغية الكشف عن الأساليب المستخدمة فيها، وتوظيف وعينا بتلك الأساليب فى بناء برامج لتنمية مهارات المحاجة.


(6-4) الكشف عن أنماط سلوك المحاجة:

الكشف عن أنماط سلوك المحاجة فى المجتمع المصري، والتى تنتج عن التفاعل بين الأبعاد الرئيسية للمحاجة، فعلى سبيل المثال حين يحصل فرد على درجة مرتفعة على بعدين منها (التفنيد والمبادأة) ومنخفضة على البعدين الآخرين (الإقناع والاستدلال) سيكون له نمط حجاجى مختلف عن الذى يحصل على درجة منخفضة على الأولين ومرتفعة على الآخرين فالأول، سيمكن وصفه بالنمط الحجاجى المهيمن والثانى العقلاني - المنطقى، وبناء على هذا التصور يمكننا تحديد طبيعة الأنماط السائدة فى الثقافة، وهو ما قد يساعدنا لاحقا فى فهم الأسس النفسية لعمليات المحاجة المرتبطة بهذه الأنماط، فضلا عن تخطيط سياسات التعديل الاجتماعي للسلوك الحجاجى.


(6-5) الثقافة والمحاجة:

من المفترض وجود علاقات متنوعة بين الثقافة والمحاجة فهناك فروق بين أفراد الثقافات المختلفة فى المهارات الحجاجية، والقدرة على توليد الحجج، وفى مدى حث الثقافة على ممارسة عمليات المحاجة، ودعمها أو كفها، ومن المتوقع فى العالم العربى أن نجد فروقا بين أفرادها عبر الثقافة، وداخل الثقافة الواحدة عبر ثقافاتها الفرعية، فى معدل ممارسة عمليات المحاجة، ومدى مهارتهم فيها، يضاف إلى ذلك أننا بحاجة إلى الكشف عن مظاهر سوء الفهم الثقافى أثناء عمليات المحاجة بين أفراد من ثقافات مختلفة حتى نزيد من فعالية تلك العمليات بينهم، وخاصة فى مجالات التفاوض السياسى والعلاقات الدولية.

ومما يجدر التنويه إليه أن هناك نقاط أخرى عديدة يحسن الالتفات لها من قبيل العلاقة بين مستوى التدين والاتجاه نحو المحاجة، وطبيعة العلاقة بين القدرات الإبداعية والمحاجة لدى الأفراد فى المجالات التطبيقية المتنوعة.

وختاماً فإنني أرجو أن أكون قد نجحت فى تقديم تصورات تتسم بالوضوح حول ذلك الموضوع الحيوى الذى يعد ملمحا مميزا للأمم المتحضرة، ونحسب أنفسنا منها، التى تدرب أفرادها مبكرا على إدارة خلافاتهم واختلافاتهم بالكلمات لا باللكمات.