2-2 أبعاد سلوك المحاجة

 

‌ج-    أتى عامل المبادأة الحجاجية فى ذيل قائمة عوامل المحاجة وقد تشبع عليه ستة مكونات قوامها كشف التناقض، ويشير إلى قدرة الفرد على اكتشاف تعارض إجابات الطرف الآخر على أسئلة مشابهة فى أوقات مختلفة، او البحث عن وقائع تتعارض مع ما يدعى، أو عدم الاتساق بين ما يفعل وما يقول. وجاء "التشكيك" فى المرتبة التالية، ويتضمن التلميح إلى عدم موثوقية المصادر التى ينقل عنها الطرف الأخر بياناته، وإظهار عدم الثقة فى صحة الوقائع الشخصية التى يستعين بها لدعم موقفه، وعدم التسليم بسهولة بما يطرحه من مسلمات. يلي ذلك مكون "توجيه مسار المحاجة" ويحوى سلوكيات من قبيل مطالبة وبعد ذلك جاء "ضبط ومراعاة السياق" ويشير إلى حرص الفرد على توضيح معالم الموقف وعدم اجتزاء كلام أو وقائع من سياقها حتى لا يحدث تشوه فى الفهم ثم أتى "التوكيد الحجاجى" حيث يسهل على الفرد إخبار الطرف الأخر بما يحويه كلامه من مغالطات(5)، ولا ينساق مع ما يسعى لفرضه عليه من أفكار، ويطالبه بذكر مبررات إقناعه برأي ما، ويرفض الضغوط التى يمارسها عليه لانتزاع موافقته على ما يريد. وأخيرا جاء "التأكد من الفهم" حيث يتضمن سلوكيات قوامها تلخيص ما قاله الفرد، او ما قاله الآخر فى نهاية الحديث، للتأكد من الفهم المشترك، وتوجيه المزيد من الأسئلة وترك فرصة كافية للآخر للإجابة عنها حتى يفهم وجهة نظره بصورة دقيقة. يشير هذا العامل إلى قدرة الفرد على إصدار سلوك مؤكد للذات إبان المحاجة يتمثل فى توجيه مسارها، وضبط سياقها، وعدم التوانى فى إخبار الطرف الآخر بمظاهر تناقضه وعدم اتساقه إبانها، بل والتشكيك فى صحة بعض ما يدعيه، لذا يمكننا تسميته بعامل "المبادأة الحجاجية".

الصراعى، أو يسهل تحولها إلى نزاع فى ظل هذه الممارسات، ومما يثير الاستغراب أيضا أن هذه الأساليب العدائية فى الحجاج والتى يزيد المكون الهجومي الاستثارى فيها، تصدر عن أفراد مرتفعي التعليم(6) ذكورا وإناثا، مما يحدو بنا للتساؤل عن الشكل الذى ستكون عليه السلوكيات الحجاجية لدى منخفضي التعليم أو غير المتعلمين ابتداء؟

 

 

 

 

(5) قالت إحدى الموظفات إن المحاج البارع هو "القادر على مواجهة أي شخص بآرائه فيه "وقالت أخرى "أن يكون جريئا ولا يخجل من التعبير عن أفكاره"

 

(6) من شواهد ذلك أن أحد الطلاب الجامعيين ذكر أن من صفات المحاج البارع أن يهاجم آراء الآخرين دائما