كما أنه من منطق الأشياء أن نتعرف على من نتعامل معه قبل أن نشرع في توثيق علاقتنا به، كذلك فإن لفظ "المحاجة" في حاجة الى تعريف إجرائي قبيل تقديـم بيانات مفصلة عنه، وفي هذا الصدد حري بنا الإشارة إلى أنه أمكن، في ضوء ما تم الإطلاع عليه من تعريفات مختلفة لباحثين متعدديـن، استخلاص التعريف التالي والذي يشير إلى أن المحاجة تعني "قدرة الفرد على تفنيـد ودحض حجج الطرف الآخر بالأدلة والبراهين الاستدلالية، والواقعية، وحثه على التخلي عنها، والدفاع في الوقت نفسه عن آرائه، وتقديم حجج لإقناع الطرف الآخر بها، وذلك حين يتحاجون حول قضية خلافية" (شوقي، 2003).
ينطوي هذا التعريف على أن المحاجة تتضمن عمليتين رئيسيتين هما:
- التفنيد Refutation وهي عملية يتم بموجبها إثبات أن صحة حجج الطرف الآخر أو النتيجة المترتبة عليها، أو المستمدة منها، زائفة أو خاطئة، أو ذات قيمة مشكوك فيها (Verderber,1991:332)
- الإقنـاع Persuation من خلال الاستعانة بمجموعة من الحجج التي يستدل منها الفرد على صحة دعواه 0
وحري بالذكر أن هناك بعض المفاهيم المتداخلة مع مفهوم المحاجة من قبيل الجدل، ويفضل الباحث في هذا السياق استخدام لفظ المحاجة على الرغم مـن عــدم شيوعه على لفظ الجدل، رغم ذيوعه، لأن مفهوم الجدل ارتبط تاريخيـا ولغويا بمدلولات تعمل على نشأة تصورات سلبية عنه في أذهان الناس، فعلـى سبيل المثال من بين التعريفات اللغوية للجدل أنه "شدة الخصومة" وأن المجادلة تكون إذا غاب التعاون بين المتحاورين في إظهار الصواب (ابن منظور، 1980). ويعرف في مصادر أخرى بأنه "علم يقتدر به على حفظ أي وضع يراد، ولو باطلا، وهــدم أي وضع يراد ولو حقا" (العلواني، 1987: 22-32).