بفحص تلك النتائج السابقة سنجد أنه بإمكاننا وضع أيدينا على العديد من النقاط التى من شأنها الإسهام فى تعميق فهمنا لطوبوغرافيا السلوك الحجاجى ودلالته الثقافية بصورة أفضل وتتمثل تلك النقاط فيما يلي:
أ- تبين أن العامل الأكثر أهمية التى تنتظم فيه مكونات السلوك الحجاجى ومهاراته الفرعية، والأكثر استخداما وشيوعا لدى أفراد العينة الكلية،
وهم من ذوى مستويات التعليم المرتفعة، هو عامل الهيمنة الحجاجية، أو بلغة أخرى التفنيد الهجومي لحجج الطرف الآخر لإفحامه، والذي يعكس ميلاً لدى المحاج إلى تفنيد حجج الطرف الآخر من خلال استخدام أساليب متعددة ذات طابع هجومي عادة تتمثل فى المناقضة، والاستفزاز، والتخويف، والتعجيز، والتشتيت، والاستدراج، وكشف التناقض، مما يعنى أنه يركز فى المقام الأول على دحض حجج الآخر، والهجوم عليها بدرجة أكبر من اهتمامه بإقناعه بالحجج التى يطرحها عليه، وهو أسلوب من شأنه إثارة حساسية الطرف الآخر، وإيجاد مناخ يساعد على تحول عملية المحاجة إلى نزاع لفظي مما يقلل من احتمالات الوصول إلى نقطة سواء لحل الخلاف بين الطرفين حول المسألة مناط الحوار. ترى هل تعد هذه الظاهرة غير صحية؟ أم أن طبيعة الموقف كما يقول "سلاتر واندرسون" تملى ذلك النمط من السلوك، ذلك أن إقناع الفرد بقبول معلومات جديدة وتغيير موقفه حولها يصبح مهمة اكثر صعوبة حين يكون لديه تصورات ومعتقدات مسبقة مقتنعا بما حولها، لان المسالة حينئذ لن تكون مجرد إقناعه بصحة تلك المعلومات، بل يجب إقناعه أولا بضرورة التخلي عن معتقداته القديمة وخاصة حين يكون مقتنعا بها بأدلة منطقية (1996,Sluter & Anderson).