5-3 التوجيهات العملية والبرامج العلمية لتنمية المحاجة
39- إبراز البديل الأسوأ: تتمثل الفكرة الرئيسية في هذا الأسلوب في قيام الفرد المحاج، كوسيلة لإقناع الطرف الآخر، باستعراض الاحتمالات السلبية المترتبة على الموافقة على رأيه لحثه على التخلي عن هذا الرأي، فعلى سبيل المثال حين يطالب أحد الأشخاص بإلغاء مجانية التعليم الأساسي لرفع كفاءة المتعلمين فعلينا أن نذكره بأن وجود متعلم أقل كفاءة أفضل من وجود أمي جاهل، لأن السواد الأعظم من المصريين الفقراء، والريفيين خاصة، لا يملكون نفقات التعليم الخاص. وحين يطالب أحدهم بمنع الباعة الجائلين من البيع في الشوارع العامة بدون ترخيص نبادره بالقول بأن لفظ بائع جائل أفضل بالتأكيد من لفظ مجرم، فهذا هو البديل المتاح أمام غالبيتهم حينئذ. أو مثلما يدعو البعض لمنع الشباب من ممارسة الرياضة في الشوارع بالأحياء الشعبية حتى لا يسببون ازعاجاً للسكان فيسرع البعض بالقول: الإزعاج أرحم من الإدمان ذلك أن هؤلاء الشباب حين لا يجدون مكاناً يتريضون فيه سيذهبون إلى أماكن أخرى بعيدة عن العيون قد تكون مشبوهة وتؤدي إلى تعرضهم ودفعهم لممارسات غير سوية كالإدمان.
40- استخدم المحاجة بحكمة: إن المحاجة وسيلة من الوسائل الآمنة لحل الصراعات وحسم الخلافات بين الأشخاص والأطراف المختلفة حول مسائل معينة، أي أنه ثمة أساليب أخرى، وفقاً لهذا المنظور، لحسم تلك الخلافات، قد تتمثل في التعاون، أو الإيثار، أو التجنب، أو تدخل طرف ثالث، وهكذا … ومن ثم يجب أن يتضح بجلاء في ذهن المحاج أن تلك الوسيلة – المحاجة – يجب ألا تستخدم إلا بقدر، وحين يتوقع أنها ستكون الأكثر فعالية وأن عائدها الإيجابي أكبر من السلبي، وعليه أن يستخدمها بقدر، وأن يوطن نفسه على أن يتوقف عن استخدامها حين يتحقق هدفه، فالإفراط فيها كمن يفرط في استخدام الملح في الطعام. ومن هنا فإنه من الضروري أن نقتصد في اللجوء إلى المحاجة تبعاً لاحتياجات ومتطلبات الموقف، لا اكثر ولا أقل، فالإكثار منها قد يجعل المحيطين بك يتبنون تصوراً سلبياً حولك، فضلاً عن أن إصرارك عليها قد يفقدك أصدقائك، وبطبيعة الحال فإن خسارة محاجة أفضل من خسارة صديق. يضاف إلى ذلك أن المحاجة لا تستخدم إلا مع من يلتزم بآدابها وقواعدها ويكون لديه القدرة على الإقرار بعدم صحة موقفه أوصحة موقفك إذا تبيّن له بالدليل والبرهان ذلك فالمسألة ليست حلبة صراع ولكنها ساحة حوار.